تعُّد القراءة الناقدة أحد المداخل المهمة لتشكيل السلوك الناقد لدى الطلاب وتطويره وهي من المطالب الاجتماعية الملقاة على عاتقهم الآن حيث إن الكميات الهائلة من الإنتاج الفكري التي تفرزها المطابع كل يوم ، وما تشتمل عليه من آراء وأفكار متضاربة تحتمان العناية بعمليات الاختيار والدقة وتحري كفاءة الأدلة والبراهين .
وفي ضوء العلاقة بين القراءة الناقدة والتفكير الناقد يمكن القول إن كفاءة مناهج اللغة وبرامج تعليم القراءة يجب أن تقاس بمدى مساهمتها في التنمية الذهنية الشاملة للطلاب في مراحل التعليم المختلفة .
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الطلبة في دول العالم المختلفة يواجهون مشكلة حادة في كيفية التعامل مع الكلمة المكتوبة ؛ الأمر الذي يتطلب ضرورة تطوير أساليب تعليم و تعلم جديدة تستهدف بصورة مباشرة تنمية مهارات القراءة، و طلاقة التفكير، و تتيح للطلبة فرصة التفاعل مع المقروء و تمكنهم من تبني آراء و مواقف نقدية حيال الأفكار و الموضوعات و المشكلات المطروحة....
و في سياق الكلام عن الوسائل الناجحة في مساعدة الطلبة على اكتساب مهارات القراءة الناقدة يرى بعض الباحثين أن تنمية مهاراتها الرئيسية و الفرعية لم تعد مسؤولية معلم اللغة وحده بل تمتد لتكون مسؤولية جميع معلمي المواد الدراسية، حيث إن طبيعة هذه المهارات تتصل مباشرة بتنمية العقل ... و لعل من الأهمية بمكان تطوير أساليب مشاركة الطلبة و مناقشتهم الصفية، ووضعهم في مواقف تستدعي إبداء الرأي و إصدار الأحكام و عمل الاستنتاجات المناسبة ،والحوارات بين المعلم و بين الطلبة أنفسهم في أثناء القراءة ساعدت على توليد أفكار جديدة و تطوير حلول و مقترحات بناءة حول موضوع القراءة.
و مهما تنوعت أساليب و استراتيجيات تعليم القراءة الناقدة فان من الصعب أن نزعم بأن إستراتيجية بعينها قد تصلح لتعليم أو تنمية مهارات هذا النوع من القراءة، و لهذا فإن الطريقة المثلى لتحسين مستوى أداء الطلبة قد تمكن في توزيع استراتيجيات تدريسهم، و تفعيل دورهم في المواقف التعليمية من جهة و تدريبهم على توظيف أثر التعلم القرائي و نقله إلى مواقف التعلم المختلفة من جهة أخرى، و إتاحة الفرصة للطلبة لممارسة القراءة الناقدة عبر نشاطات لغوية متنوعة متكاملة، و لعل في ذلك ما يساعد الناشئة على امتلاك المهارات الذهنية العليا اللازمة لتمكينهم من إنتاج الاستجابة التي تتفق و تتلاءم مع التغيرات التي تزيد الحياة تعقيدا.
و يؤكد المربون أهمية أن يمارس الطلبة، و لاسيما طلبة المرحلة الثانوية كتابة المقالات و الموضوعات التي تدور حول أفكار الكاتب و التعليق عليها، و في ذلك ما يمكنهم من تطوير أساليب متقدمة في التفكير.